هل صحيح أن قراءة سورة البقرة لمدة 40 يوم؟
هل صحيح أن قراءة سورة البقرة لمدة 40 يوم؟ في الآونة الأخيرة، تزايد الحديث بين الناس، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عن فضل قراءة سورة البقرة لمدة 40 يوماً متتالية. وبين من يرى في ذلك باباً من أبواب الرزق والبركة، ومن يعتبرها من البدع المحدثة، تتباين الآراء والمواقف. فهل هذه الممارسة ثابتة شرعاً؟ وهل ورد عن النبي محمد ﷺ ما يؤكد هذا العدد تحديداً؟ هذا ما سنتناوله في هذا المقال المفصل.
فضل سورة البقرة في الإسلام
لا يختلف اثنان على عظمة سورة البقرة ومكانتها في الإسلام. فهي أطول سور القرآن الكريم، وتحتوي على أحكام شرعية، وقصص الأنبياء، وآيات عظيمة مثل آية الكرسي. وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ:
“اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة”
(رواه مسلم)
هل صحيح أن قراءة سورة البقرة لمدة 40 يوم؟
من الناحية الشرعية، لم يرد في السنة النبوية الصحيحة ما يدل على أن قراءة سورة البقرة لمدة 40 يوماً هو أمر مأثور أو موصى به من النبي ﷺ. لا يوجد حديث صحيح يربط عدد الأيام هذا بفضل معين، وبالتالي فإن تخصيص عدد معين من الأيام لقراءة سورة معينة دون دليل واضح قد يدخل في باب البدع. وقد أوضح العلماء أن العبادة إذا لم يرد بها دليل شرعي يحدد وقتاً أو عدداً معيناً، فلا يجوز التزامها بهذه الطريقة، لأن ذلك قد يُعتبر إحداثاً في الدين.
هل قراءة سورة البقرة يومياً مفيدة؟
نعم، قراءة سورة البقرة يومياً أو المداومة عليها بدون التقيد بعدد معين، أمر مستحب وله فوائد عظيمة، منها:
- طرد الشياطين من البيت.
- جلب البركة في الرزق والبيت.
- الحماية من السحر والحسد.
- تقوية الإيمان والطمأنينة القلبية.
وذلك بناءً على الأحاديث العامة التي تحث على قراءتها، لكن دون تحديد 40 يوماً أو غيره من الأعداد.
ماذا يقول العلماء حول تحديد عدد الأيام؟
أجمع أهل العلم على أن تحديد عدد معين من الأيام أو الليالي لقراءة سورة معينة بدون دليل يعد من البدع المحدثة. وقد قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
“تخصيص عبادة بعدد معين لم يرد به دليل شرعي، هو من البدع”.
وهذا لا يعني أن قراءة السورة بانتظام خطأ، بل يعني أن تخصيص “40 يوماً” بهذا الشكل المنظم دون وجود أصل شرعي هو ما يُشكل الإشكال.
فهل يجوز قراءة سورة البقرة بنية معينة؟
نعم، النية الصالحة أمر مطلوب في كل عبادة، ويمكن قراءة سورة البقرة بنية الشفاء، أو التحصين، أو طلب البركة، ولكن دون الاعتقاد أن هناك عدداً معيناً لتحقيق ذلك ما لم يرد فيه نص.
خاتمة
إن قراءة القرآن الكريم بوجه عام، وسورة البقرة بشكل خاص، من الأعمال العظيمة التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها. لكن من المهم أن يتحرى المسلم الصحة الشرعية في كل ما يفعله، فلا يتبع كل ما يسمعه دون تحقق، ولا يربط الفضل بعدد معين لم يرد عن النبي ﷺ.